قد بينا سابق ان هناك فرق بين متن القران و حقيقة تنزيله ، و ان المتن حجة حتى بثبت المعنى التنيزلي الحقيقي .
يدل على حجية متن القران قوله تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ )
و قال تعالى ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ )
و قال تعالى ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )
و المتوتر من حديث اليقلين
و المتاتر من احاديث العرض على الكتاب
و المتواتر من استشهاد الائمة بالقران على العقائد و الاحكام .
و يدلّ على علم التنزيل الحقيقي
قوله تعالى ( بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )
قال تعالى ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
و قال تعالى ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ )
و قال تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ ) و من الواضح ان الناس بعلمهم العادي لا يستطيعون ان يدعوا انهم يعرفون كل شيء بالقران . و انما قال ذلك الاوصياء عليهم السلام .
و الروايات المستفيضة في تأويل و تفسير القران عنهم عليهم السلام .
الروايات المستفيضة ان تنزيل بعض الايات بصورة مغايرة .
و متن القران الكريم الذي في المصحف محفوظ عن النبي صلى الله عليه و اله و غير محرّف لانه وصل الينا بالنقل القطعي .
و في هذا المتن دلالة على انّ القران محفوظ . قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) لكنه لم يبين ان الحفظ في المتن و في المصحف بل هو مطلق و قد بين القران انه محفوظ في مواطن اخرى كاللوح المحفوظ و عند اهل الذكر و في صدور الذين اوتوا البينات
قال تعالى (بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (*) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) و قال تعالى ( بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) و قال تعالى ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
و قد استدل لعدم التحريف بقوله تعالى ( و لكن هذا لا يتم فان الاية تدل على ان القران عزيز و ليس من شيء يبطله لا فيما سبقه و لا فيما بعده من كتاب او قول او حجة و لا علاقة لها بالمتن اقراني الذي في المصحف .
وهنا دخلت الشبهة على البعض الذين يكفرون من يقول بالتحريف فظنوا ان حفظ المصحف و عدم تحريفه هو بمتن القران ، و انّ القول بالتحريف تكذيب للقران ، و هذا ليس صحيحا ، لانّ تلك الاية ليست في المتن بل في مطلق الحفظ كما انه لا يمكن الاستدلال على حفظ متن القران التي في المصحف به لانّه من الاستدلال بالشيء على نفسه ، و انما قلنا انّ متن القران الذي في المصحف محفوظ لانّه وصل الينا بنقل قطعي فهو محفوظ عن النبي صلى الله عليه و اله .
و اما اية الحفظ فهي تدل على انّ القران محفوظ بايّ وجه كان ، لكن لم تبين انه في المصحف بل بيّن القران انّه محفوظ في اللوح و محفوظ في صدور الذين اوتوا العلم و عند اهل الذكر كما ذكرنا .
فمن يعتقد بحصول التحريف فهو بالضرورة لا يعتقد بتواتر ما في المصحف و يساعده تعدد القراءات و اختلاف المفسرين فيها ، كما انه لا يرى انّ اية الحفظ هي في المتن الذي في المصحف ، بل هو يقرّ انّ القران محفوظ عند اهل الذكر وهو الموافق للقران .
انّ الذي قال بالتحريف يرى انّ الروايات التي جاءت على حقيقة التنزيل بلفظ ( هكذا نزلت ) انّها في المتن القراني الذي في المصحف و الامر ليس كذلك بل هذه في علم التنزيل الحقيقي و الذي قد يغاير المتن القراني بنحو ما .
و الخلاصة انّ متن القران غير المحرّف لانه وصل الينا بالنقل القطعي قد دلّ على انّ القران محفوظ بنحو ما ، و يكفي الاقرار بالحفظ القول به بأيّ وجه كان في اللوح او في صدور الذين اتوا العلم او عند اهل الذكر . و اما النقل المتواتر للمتن القراني الذي في المصحف فهو ليس ضروريا عند المسلمين بدلالة تعدد القراءات ، فاذا لم يثبت ذلك عند شخص و رأى ان ايات التنزيل تدل على وجود نقص فيه ، فانه يكون قد وقع في شبهة و أخطأ لكنه لم يكذب القران و لم يخالف ضروريا من ضروريا الدين ليكفر و لا يخلّ ذلك بعدالته لانه احتهد بما هو جائز اذ لا نصّ و لا ضرورة ، بل انّ تسليمه للروايات - و التي لا تخالف وصية اعرضوه على كتاب الله فان كتاب الله يوافق علم التنزيل كما بينا - يكون مسلّما ايضا .
و لحقيقة ان هناك علما تنزيليا للقران و انّه عند اهله ، فان للذي يقول بالتحريف الزعم انه قد سلّم للروايات وهذا امر ممدوح قال تعالى ( و سلموا تسليما ) كما انه صار نقطة و اشارة الى التنبيه بوجود حقيقة التنزيل التي تختلف عن ظاهر القران لكي لا يغترّ الناس بما يعرفون المشوب بالجل ، و يعلموا انّ القران لا يعلمه كله و لا يجمع حقائقه الا الامام عليه السلام . و ان معرفة القران كله و جمع التزيل كله و معرفة ما هو كائن و ما يكون بالقران هو من خصائص الامام عليه السلام كما جاءت بذلك السنة . فالكلام في التفريق بين التنزيل و بين المتن من اهم العلوم التي تذكر بالامام صاحب الأمر و الاكثار منه هو من اعظم القربات .