بلغنا
عنهم (ع) قولهم : إنما ضرب الله المثل
بالبعوضة لان البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره
وزيادة عضوين آخرين، فأراد الله سبحانه أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه .* ان هذا القول من الله عزوجل رد على من زعم
ان الله تبارك وتعالى يضل العباد ثم يعذبهم على ضلالتهم .*
قال الله: يا محمد " إن الله لا يستحيي " لا يترك حياء " أن
يضرب مثلا " للحق يوضحه به عند عباده المؤمنين " ما بعوضة " ما هو
بعوضة المثل " فما فوقها " فوق البعوضة وهو الذباب، يضرب به المثل إذا
علم أن فيه صلاح عباده ونفعهم . * ان
الله تعالى لما أنزل على نبيه " ولكل قوم هاد " قال طائفة من المنافقين
" ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا " فأجابهم الله تعالى بقوله:
" إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها " * اقول هذا هو تفسير الاية و هو صريح الامام
الباقر (ع) حينما قيل له (ع) : ان بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة علي وأن
ما فوقها وهو الذباب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال الباقر عليه السلام:
سمع هؤلاء شيئا لم يضعوه على وجهه، إنما كان رسول الله صلى الله عليه وآله قاعدا
ذات يوم وعلي إذ سمع قائلا يقول: ما شاء الله وشاء محمد وسمع آخر يقول: ما شاء
الله وشاء علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا تقرنوا محمدا ولا عليا
بالله عزوجل ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء محمد ثم ما شاء علي . إن مشية الله هي القاهرة التي لا تساوي ولا
تكافئ ولا تداني وما محمد رسول الله صلى الله عليه وآله في دين الله وفي قدرته إلا
كذبابة تطير في هذه الممالك الواسعة، وما علي في دين الله وفي قدرته إلا كبعوضة في
جملة هذه الممالك مع أن فضل الله تعالى على محمد وعلي الفضل الذي لا يفي به فضله
على جميع خلقه من أول الدهر إلى آخره، هذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في
ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان فلا يدخل في قوله: (إن الله لا يستحيي أن يضرب
مثلا ما بعوضة ). اقول
و القول الذي نفاه الامام عليه السلام هو ما نقل في تفسير القمي عن ابي عبدالله عليه السلام ان هذا المثل ضربه الله لامير المؤمنين عليه
السلام . فالبعوضة امير المؤمنين عليه السلام وما فوقها رسول الله صلى الله عليه
وآله والدليل على ذلك قوله " فاما الذين آمنوا فيعلمون انه الحق من ربهم
" اقول و الظاهر ان
قوله ( فالبعوضة امير المؤمنين ) ليس من قول الصادق عليه السلام بل كلام مدرج
بدليل قوله ( و الدليل على ذلك ) و لان هذا القول كان مرويا قبل الباقر عليه
السلام فرواية القمي لا تصح .