الثلاثاء، 5 يوليو 2016

حقيقية المعرفة و مصدقيتها مميز مستقل لقبولها



  قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا ) ان هذه الآية مفصلة و محكمة بخصوص الايمان بالدعوة    و شروط و دواعي تصديقها  ، و تبين شرط التصديق بالنقل . وهي ظاهر في ان المضمون و المعرفة الحقة في ذاتها - مستقلة عن كل شيء خارجي - المصدقة لما قبلها و لما هو خارجها من معارف حقة هو المعتبر في الايمان بالدعوة  . كما انها تدل على النهي بالتشبث بالنقل الخاص و رفض النقل الخارجي بحجة الاكتفاء بالأول . و من خلال اطراف الدعوة و النقل و عدم تعرض الآية لشخصية الناقل تشير الى عدم الاعتبار بحال الناقل  و انما الاعتبار بالمضمون و الدعوة ذاتها .

ان محورية القيمة المتنية للخبر ليس فقط مما يفرضه العقل بان الشرع نظام له دستور و روح و مقاصد و رحى و قطب تدور حوله باقي اجزائه و انظمته ، و ان كل ما يخالف تلك الروح و المقاصد لا يؤخذ به . فالشرع  نظام واضح المعالم فيه معارف ثابتة قطعية لا يصح مخالفتها ،و الاخبار الظنية مهما كانت درجة الاطمئنان بصدورها فانها  خاضعة فيه للتقييم المتني كما هو حال اي نظام معرفي اختصاصي يحتكم الى عمومات وقواعد  ثابتة ظاهرة هي دستور النظام و عموده وعلى ذلك ظاهر الاخبار المستفيضة بل المعارف الشرعية الثابتة . و من الجلي جدا ان في الشريعة معارف ثابتة لا يصح قبول ما يخالفها ، و يكون المخالف لها  مشكلا ضعيفا و غير المخالف قويا بل ان القرآن و السنة قد جاءت بذلك بشكل لا يقبل الشك .
ان معيار المصدقية و الحقية في الدعوة بذاتها مستقلة  و مركزية ذلك في الايمان و القبول ظاهر في الكتاب العزيز قال تعالى (وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) فهنا جعلت الدعوة للايمان بسبب ان الدعوة مصدقة و موافقة لما عند المدعوين . و كذلك قوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ) و قوله تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) و قوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) و قال تعالى (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ ) هذه الآية تشير الى ان مصدر الايمان كون المسموع هدى بشكل مطلق من دون نظر الى حالة الناقل . و ان قوله تعالى  (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ) يشير الى ان المذهبية باطلة اذ نهى القران و ذم التعذر بالتشبث بالخاص و امر بالايمان بالهدى   .و قوله تعالى   (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ )  يشعر بل هو ظاهر بان المصدقية شرط في الكتاب و الحق فيه  . بل ان ظاهر القرآن كون المصدقية  هي الداعي و المعتبر لتصديق القائل بدعوة  قال تعالى (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ )  . بل ان النهي قد ورد صريحا في عدم جواز رد الدعوة المصدقة بما عند المدعو  قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ) .كما ان الله تعالى قد وصف الدعوات التي ليس لها مصدق و التي تكون عن الهوى بالظن الذي لا يصح اتباعه قال تعالى (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى )  لاحظ كيف ان القران بين كون فقدان السلطان من الله  انه مما تهوى الانفس و اسقط تلك المعرفة عن الاعتبار بذلك ، و من الظاهر ان ذلك بغض النظر عن القائل . و يشعر بذلك نفي العلم عن المعرفة الظنية التي لا تتسم بالمصدقية قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (*) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) فان العلم المفقود هنا و ان كان هو الاخبار بطريق علمي الا ان من ضمنه كما عرفت ان يكون مصدقا بدليل الاشارة الى ان ذلك ظن ، و لو انه كان مصدقا لخرج عن هذه الدائرة . اذن المصدقية في الدعوة و الداعي اليها هي المعتبر الحق  و الداعي للايمان بها ، و ان رد الدعوة المصدقة بما عند المدعو منهي عنه و مذموم قرآنيا .
و يؤيد كل ما تقدم ان الله تعالى جعل الصدق و الحق شرط في المعرفة العلمية  و وجه الايمان بالدعوة واتباعها  ، و ان الواجب اتباع الصدق و الحق بعلاماته الذاتية بغض النظر عن طريق نقله و وصوله قال تعالى (  وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (*) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) فلاحظ كيف جعل الله تعالى الصدق و الواقعية مصدر المعرفة و صفة العلم و ان غيره هو الظن  قال تعالى (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ) ان الامر هنا وجه الى الكافرين كما هو ظاهر و مثله قوله تعالى (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) فان المركزية هنا لكون المعرفة حقة بغض النظر عن نقالها  . و قال تعالى (  قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (*) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) و الآية ظاهرة في جعل الحق و المضمون الموافق له المصدر و الداعي الاساسي لقبول الدعوة لا غير . ان هذا التعريف العلمي للظن بانه ما خالف الصدق و ان العلم ما كان صدقا  يبطل دعوى ان قوة السند تقلل من ظنية الخبر و ان الاختلاف بينها في درجة الظنية .  و آيات الحق دالة على كون  مصدر الايمان هو ما في المتن و المضمون من معرفة  مطلقا من دون الاشارة الى القائل في هذا المقام قال تعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) و قال تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ )  و قال تعالى (شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ )     و قوله تعالى   (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) و قال تعالى (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)  بل لا تجد تأكيدا على اعتبار المضمون و الدعوة  مثل قوله تعالى ( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) . و على ذلك جاءت الاخبار المستفيضة المصدقة بذلك و الموافقة لذلك .  فعن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شيء مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف. و عن أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. و عن ابن أبي يعفور، قال علي: وحدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف يرويه من يثق به ، فقال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه واله، وإلا فالذي جاءكم به أولى  .  وعن على أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا  حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به، فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان.


من هنا يصح القول ان القرآن الكريم ظاهر في ان الاعتبار بخصائص المضمون المنقول  بالمصدقية و المطابقة للحق بعلامات  ذاتية ، فيصح نسبة  النقل الى النبي صلى الله عليه و اله  بتحقيق صفات المصدقية و الموافقة للقران و السنة الثابتة ، و لا وجه للتصرف بالنقل و لا ادخال امور اخرى لا شاهد عليها . فكل ما ينسب الى النبي صلى الله عليه و اله وكان مصدقا بالقران و السنة و عليه شاهد منهما يكون معتبرا و يجب التسليم به و لا يصح رده او التصرف فيه  و كل ما تقدم من آيات دالة على ذلك  و الروايات مستفيضة في ذلك بينا بعضها . 
















الشيعة آية الله الكبرى

 الشيعة آية الله الكبرى
بلغنا عنهم عليهم السلام انهم قالوا :
شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله يوم القيامة بعدنا. (8) عن يمين العرش قوم وجوههم من نور، على منابر من نور، يغبطهم النبيون، -الى ان قال- اولئك شيعة علي. (8 ) إن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه نحن وشيعتنا. (8)  لقد أمست شيعتنا وأصبحت على أمر ما أقر به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان.(8 ) شيعتنا ما أقربهم من الله وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة ! والله لولا أن يدخلهم وهن ويستعظم الناس ذلك لسلمت عليهم الملائكة قبلا.( 8 )  يجيئ رسول الله صلى الله عليه واله آخذا بدين الله، ونجيئ نحن آخذين بدين نبينا، ويجيئ شيعتنا آخذين بديننا(8)  في الفردوس لعينا أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج وأطيب من المسك، فيها طينة خلقنا الله عزوجل منها وخلق منها شيعتنا، (8)  إن الله خلقنا من أعلا عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه . (8) انا و إياكم من نور الله عزوجل، فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة، - الى ان قال- كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون . (8)  

تسخير الاشياء للامام عليه السلام .



 عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليلة اسري بي إلى السماء وصرت كقاب قوسين أو أدنى أوحى الله عزوجل إلي: يا محمد من أحب خلقي إليك ؟ قلت: يا رب أنت أعلم، فقال عزوجل: أنا أعلم ولكن اريد أن أسمعه من فيك، فقلت: ابن عمي علي بن أبي طالب، فأوحى الله عزوجل إلي: أن التفت، فالتفت فإذا بعلي واقف معي، وقد خرقت حجب السماوات وعلي واقف رافع رأسه يسمع ما يقول فخررت لله تعالى ساجدا.

  شكى أبو هريرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام شوق أولاده، فأمره عليه السلام بغض الطرف فلما فتحها كان في المدينة في داره فجلس فيها هنيئة فنظر إلى علي عليه السلام في سطحه وهو يقول: هلم ننصرف وغض طرفه فوجد نفسه في الكوفة، فاستعجب أبو هريرة فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن آصف أورد تختا من مسافة شهرين بمقدار طرفة عين إلى سليمان، وأنا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله.

 جابر: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: (أفلم يسيروا في الارض) فقرأ أبو جعفر: (الذين كفروا) حتى بلغ إلى (أفلم يسيروا في الارض) ثم قال: هل لك في رجل يسير بك فيبلغ بك من المطلع إلى المغرب في يوم واحد ؟ قال: فقلت: يابن رسول الله جعلني الله فداك ومن لي بهذا ؟ فقال: ذاك أمير المؤمنين عليه السلام، ألم تسمع قول رسول الله: (لتبلغن الاسباب، والله لتركبن السحاب، والله لتؤتن عصا موسى، والله لتعطن  خاتم سليمان، ثم قال: هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله والله .

جابر قال: كنت يوما عند أبي جعفر عليه السلام جالسا فالتفت إلي فقال لي: يا جابر ألك حمار فيقطع ما بين المشرق والمغرب في ليلة ؟ فقلت له: لا جعلت فداك، فقال: إني لاعرف رجلا بالمدينة له حمار يركبه فيأتي المشرق والمغرب في ليلة.

جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا جابر ألك حمّار يسير بك فيبلغ بك من المشرق إلى المغرب في يوم واحد ؟ فقلت: جعلت فداك يا با جعفر وأنى لي هذا ؟ فقال أبو جعفر: ذاك أمير المؤمنين عليه السلام، ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام: والله لتبلغن الاسباب والله لتركبن السحاب.

جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال يا جابر: هل لك من حمّار يسير بك فبلغ بك من المطلع إلى المغرب في يوم واحد ؟ قال: قلت: يا أبا جعفر جعلني الله فداك وأني لي هذا ؟ قال: فقال أبو
جعفر عليه السلام: وذلك أمير المؤمنين، ثم قال: ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي بن أبي طالب عليه السلام: لتبلغن الاسباب والله لتركبن السحاب .

 داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا منا صلى العتمة بالمدينة وأتى قوم موسى في شئ تشاجر بينهم وعاد من ليلته وصلى الغداة بالمدينة .

 محمد بن مسلم قال: سمعته يقول: إني لاعرف رجلا من أهل
المدينة أخذ قبل أنطاق  الارض إلى الفئة الذين قال الله في كتابه: " ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون  " لمشاجرة كانت بينهم فأصلح بينهم ورجع .

  ابن مسكان عن ليث المرادي عن سدير  يحدث فأتيته فقلت: إن ليث المرادي حدثني عنك بحديث فقال: وما هو ؟ قلت: أخبرني عنك أنك كنت مع أبي جعفر عليه السلام في سقيفة بابه إذ مر أعراني من أهل اليمن فسأله أبو جعفر من عالم أهل اليمن ؟ فأقبل يحدث عن الكهنة والسحرة وأشباههم، فلما قام الاعرابي قال له أبو جعفر: ولكن اخبرك عن عالم أهل المدينة أنه يذهب إلى مطلع الشمس ويجيئ في ليلة، وإنه ذهب إليها ليلة فأتاها، فإذا رجل معقول برجل وإذا عشرة موكلون به أما في البرد فيرشون عليه الماء البارد ويروحونه، وأما في الصيف فيصبون على رأسه الزيت ويستقبلون به عين الشمس، فقال للعشرة: ما أنتم وما هذا ؟ فقالوا: لا ندري إلا أنا مولكون به، فإذا مات منا واحد خلفه آخر، فقال للرجل: ما أنت ؟ فقال: إن كنت عالما فقد عرفتني، وإن لم تكن عالما فلست اخبرك، فلما انصرف من فراتكم فقلت: فراتنا فرات الكوفة ؟ قال: نعم فراتكم فرات الكوفة، ولولا أني كرهت أن أشهرك دققت عليك بابك، فسكت  .

أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا يماني أفيكم علماء ؟ قال نعم، قال: فأي شئ يبلغ من علم علمائكم ؟ قال: إنه ليسير في ليلة واحدة مسيرة شهرين يزجر الطير ويقفو الآثار، فقال له: فعالم المدينة أعلم من عالمكم، قال: فأي شئ يبلغ من علم عالمكم بالمدينة ؟ قال: إنه يسير في صباح واحد مسيرة سنة كالشمس، إذا امرت، إنها  اليوم غير مأمورة، ولكن إذا امرت تقطع اثني عشر شمسا واثني عشر قمرا واثني عشر مشرقا واثني عشر مغربا واثني عشر برا واثني عشر بحرا واثني عشر عالما قال: فما بقي في يدي اليماني فما درى ما يقول، وكف أبو عبد الله عليه السلام.

أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال له: يا أخا أهل اليمن عندكم علماء ؟ قال: نعم، قال: فما بلغ من علم عالمكم ؟ قال: يسير في ليلة مسيرة شهرين يزجر الطير ويقفو الاثر، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عالم المدينة أعلم من عالمكم، قال: فما  بلغ من علم عالم المدينة ؟ قال: يسير في ساعة من النهار مسيرة الشمس سنة حتى يقطع اثني عشر ألف عالما مثل عالمكم هذا، ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس، قال: فيعرفونكم ؟ قال: نعم ما افترض عليهم إلا ولايتنا والبراءة من عدونا.

علي بن خالد قال: كنت بالعسكر  فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتى  من ناحية الشام مكبولا وقالوا: إنه تنبأ، فأتيت الباب وناديت  البوابين حتى وصلت إليه فإذا رجل له فهم وعقل، فقلت له: ما قصتك ؟ قال: إني كنت بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال: إنه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام فبينما أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر الله إذا نظرت شخصا بين يدي فنظرت إليه  فقال لي: قم فقمت معه فمشى بي قليلا فإذا أنا في مسجد الكوفة، قال: أتعرف هذا المسجد ؟ قلت: نعم هذا مسجد الكوفة، فصلى وصليت معه، ثم خرج وخرجت معه فمشى بي قليلا وإذا نحن بسمجد الرسول صلى الله عليه وآله فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلمت وصلى وصليت معه، ثم خرج وخرجت معه فمشى بي قليلا وإذا نحن بمكة وطاف بالبيت فطفت معه فخرج ومشى بي قليلا فإذا أنا بموضعي الذي كنت أ عبد الله فيه بالشام، وغاب الشخص  عن عيني، فتعجبت مما رأيت، فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به ودعاني فأجبته وفعل كما فعل في العام الاول، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت: سألتك بالذي أقدرك على ما رأيت من أنت ؟ قال: أنا محمد بن علي بن موسى بن جعفر، فحدثت من كان يصير إلي بخبره فرقى  ذلك إلى محمد بن عبد الملك الزيات فبعث إلي فأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبست كما ترى وادعي علي المحال. فقلت: أرفع عنك القصة إليه ؟ قال: ارفع، فكتبت عنه قصة شرحت  
أمره فيها ورفعتها إلى الزيات، فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة إلى المدينة إلى مكة أن يخرجك من حبسي ، قال علي بن خالد فغمني ذلك من أمره ورققت له، وانصرفت مجزونا فلما أصبحت باكرت الحبس لاعلمه بالحال وآمره بالصبر والعزاء فوجدت الجند والحراس وصاحب السجن وخلقا كثيرا من الناس يهرعون فسألت عنهم وعن الحال ، فقيل: إن المحمول من الشام المتنبئ فقد البارحة من الحبس فلا يدرى خسفت به الارض أو اختطفته الطير وكان هذا المرسل  أعني علي بن خالد زيديا فقال بالامامة وحسن اعتقاده .

ابن سنان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحوض فقال: هو حوض ما بين بصرى إلى صنعا أتحب أن تراه ؟ فقلت له: نعم، قال: فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر
يجري من جانبه هذا ماء أبيض  من الثلج، ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج، وفي وسطه خمر أحسن  من الياقوت، فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء، فقلت: جعلت فداك من
أين يخرج هذا ؟ ومن أين مجراه ؟ فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه إنها في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر يجري في هذا النهر، ورأيت حافاته عليها شجر فيهن جوار معلقات برؤوسهن ما رأيت شيئا أحسن منهن وبأيديهن آنية ما رأيت أحسن  منها ليست من آنية الدنيا فدنا من إحداهن فأومأ إليها لتسقيه فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فشرب ثم ناولها وأومأ إليها فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه ولا ألذ، وكانت رائحته المسك ونظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب، فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط وما كنت أرى أن الامر هكذا، فقال: هذا من أقل ما أعده الله لشيعتنا، إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر ورعت في رياضه، وشربت من شرابه وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فاخلدت في عذابه واطعمت من زقومه وسقيت من حميمه فاستيعذوا بالله من ذلك
الوادي. 

  حفص الابيض التمار قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام أيام قتل معلى بن خنيس وصلبه رحمه الله فقال لي: يا حفص إني أمرت المعلى بن خنيس بأمر فخالفني فابتلي بالحديد، إني نظرت إليه يوما وهو كئيب حزين، فقلت: ما لك يا معلى كأنك ذكرت أهلك ومالك وعيالك ؟ فقال: أجل، فقلت: ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني في بيتي هذه زوجتي وهؤلاء ولدي فتركته حتى تملا منهم واستترت منه حتى نال ما ينال الرجل من أهله، ثم قلت له: ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني معكفي المدينة وهذا بيتك، فقلت له: يا معلى إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظ الله عليه دينه ودنياه، يا معلى لا تكونوا اسراء في أيدي الناس بحديثنا إن شاؤا منوا عليكم، وإن شاؤا قتلوكم، يا معلى إن من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه ورزقه الله العزة في الناس، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه  السلاح أو يموت بخبل ، يا معلى وأنت مقتول فاستعد. اقول وهذه الاحاديث من الصعب و انما سلط الضوء عليها لانها صارت بايدي الحاقدين فصاروا يقتطعون منها و يلبسون على الناس ، و لقد حاءت السنة بالامر بالايمان بمناقبهم و عدم انكارها ما لم تخالف القران و السنة  .

ميثم التمار قال: بينما أنا في السوق إذ أتى أصبغ ابن نباته قال: ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين عليه السلام حديثا صعبا شديدا، قلت: وما هو ؟ قال: سمعته يقول: إن حديث أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقمت من فورتي فأتيت عليا السلام فقلت: يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به أصبغ عنك قد ضقت به ذرعا، فقال عليه السلام: ما هو ؟ فأخبرته به فتبسم ثم قال: اجلس يا ميثم، أو كل علم يحتمله عالم ؟ إن الله تعالى قال للملائكة: " إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون "  فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟ قال: قلت: وإن هذا أعظم من ذلك، قال: والاخرى أن موسى بن عمران أنزل الله عليه التوارة فظن أن لا أحد أعلم منه فأخبره أن في خلقه أعلم منه، وذلك إذ خاف على نبيه العجب قال: فدعا ربه أن يرشده إلى العالم قال: فجمع الله بينه وبين الخضر عليهما السلام فخرق السفينة فلم
يحتمل ذلك موسى وقتل الغلام فلم يحتمله وأقام الجدار فلم يحتمله     وأما غير النبيين  فإن نبينا صلى الله عليه وآله أخذ يوم غدير خم بيدي فقال: " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه " فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصم الله منهم ! فأبشروا ثم أبشروا فإن الله قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمرسلين فيما احتملتم ذلك في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه، فحدثوا عن فضلنا ولا حرج وعن عظيم أمرنا ولا أثم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: امرنا معاشر الانبياء أن نخاطب الناس على قدر عقولهم.  وفي هذا جواز في الحديث عن عظيم امرهم عليهم السلام .


اقول وهذا يسير جنب علمهم فعن حمزة بن عبد المطلب بن عبد الله الجعفي قال: دخلت على الرضا عليه السلام ومعي صحيفة أو قرطاس فيه. عن جعفر عليه السلام: إن الدنيا مثلث  لصاحب هذا الامر في مثل فلقة الجوزة، فقال: يا حمزة ذا والله حق فانقلوه إلى أديم . و عن  سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الدنيا تمثل للامام في مثل فلقة الجوز فما يعرض  لشئ منها وإنه ليتناولها من أطرافها كما يتناول أحدكم من فوق مائدته ما يشاء فلا يعزب عنه منها شئ . و عن إسحاق القمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لحمران بن أعين: يا حمران إن الدنيا عند الامام والسماوات والارضين إلا هكذا - وأشارة بيده إلى راحته - يعرف ظاهرها وباطنها وداخلها وخارجها ورطبها ويابسها. و عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه المفضل بن عمر فقال: مسألة يابن رسول الله، قال: سل يا مفضل، قال: ما منتهى علم العالم ؟ قال: قد سألت جسيما، ولقد سألت عظيما ما السماء الدنيا في السماء الثانية إلا كحلقة درع ملقاه في أرض فلاة، وكذلك كل سماء عند سماء اخرى، وكذا السماء السابعة عند الظلمة ولا الظلمة عند النور ولا ذلك كله في الهواء ولا الارضين بعضها في بعض ولا مثل ذلك كله في علم العالم يعني الامام مئل مد من خردل دققته دقا ثم ضربته بالماء حتى إذا اختلط ورغا  أخذت منه لعقة  باصبعك، ولا علم العالم في علم الله تعالى إلا مثل مد من خردل دققته دقا ثم ضربته بالماء حتى إذا اختلط ورغا انتهزت منه برأس ابرة نهزة ثم قال عليه السلام: يكفيك من هذه البيان بأقله وأنت بأخبار الامور تصيب . و عن  عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد إن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، والله ما كلف الله أحدا ذلك الحمل غيرنا، ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا، وإن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله أمرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه: ما نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحملونه حتى خلق الله لذلك أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد صلى الله عليه وآله وذريته ومن نور خلق الله منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا صلى الله عليه وآله فبلغناهم عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك، وبلغهم ذاك عنا فقبلوه واحتملوه وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك ولا والله ما احتملوه، ثم قال: إن الله خلق قوما لجهنم والنار فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم فاشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا: ساحر كذاب فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك ثم أطلق الله  لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته، ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه فأمرنا بالكف عنهم والكتمان منهم، فاكتموا ممن أمر الله بالكف عنهم واستروا عمن أمر الله بالستر والكتمان منهم، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم فانك إن فجعتنا بهم لم تعبد ابدا في أرضك  .